الثلاثاء، 24 مايو 2011

السلالة والشرعية الدينية والتاريخية

السلالة والشرعية الدينية والتاريخية

يُعتبر قُصي بن كِلاب باني ومؤسس مجد هاشم القرشية، فكان للهاشميين شرف إدارة الحج، وعلى عاتقهم تقع أعمال الرفادة والسقاية ورفع اللواء. ويظهر أن نزعة الاستقلال كانت موجودة لديهم من خلال ريادتهم وقيادتهم السياسية و الاجتماعية، فأسسوا أول مكان للانتداء والاجتماع والتشاور، وهو دار الندوة، وكانوا يعقدون مجلسهم الذي يناقش السياسات العامة، وقسّموا مكة إلى أرباع وكانت هذه البداية مع نظام الدولة الذي عرفه بنو هاشم وارادوا تنظيم شؤون الناس على اساس العدل والمساواة، مثلما كان تأسيس الهاشميين لحلف الفضول الذي قاده بنو عبد مناف، وكان يهدف إلى توفير الأمن والاستقرار لمواكب الحج قبل الإسلام، ودفع الأذى عن الناس وتحقيق العدالة.
ظلّ حلف الفضول قيمة أساسية في مجتمع مكة بوصفه نموذجا للعمل الاجتماعي الإنساني، وقد شهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الحلف وهو ابن عشرين عاماً، وقيل خمسة وعشرين. وكان اجتماع الناس لأجله في دار عبدالله بن جدعان، وظلّ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد شهدتُ في دار عبدالله بن جدعان حلفاً لو دُعيتُ اليه في الإسلام لأجبت .. تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها وأن لا يعزّ – يغلب – ظالمٌ مظلوماً".

مبايعة الشريف الحسين بن علي (يسار الصورة) اميرا على مكة والحجاز وفي الصورة الوالي التركي، عام 1908.
هكذا كان أهل قريش وما يزالون، وما سيرة التاريخ وحوادثه وحقائقه إلا شواهد على تلك النزعة والقيمة الإنسانية التي رافقت مسيرتهم حتى اليوم، التي تتمثّل بإدراكهم العميق لقيمة إنسانية عالية الشأن، وهي قيمة الحرية المسؤولة و قيمة المجتمع المستقل والدولة ذات السيادة، وهذه بمجموعها من القيم التي يؤكدها الإسلام على الدوام.
احتفظ بنو هاشم بريادة السلالة القرشية، وظلّوا يمثِّلون طليعة المجتمع في مكة والمدينة، باعتبارهم صفوة أخلاقية وأهل الإدارة السياسية والاقتصادية، وقد حظوا بتقدير واحترام زوار البيت الحرام، وكان لرحلتَي الشتاء والصيف أطيب الأثر في أن عرف الناس في الحجاز و مصر واليمن والشام وأرض السواد مكانة الهاشميين ومنزلتهم التاريخية والدينية.
كان هاشم، جدّ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أوسط الناس داراً في مكة وأعلاهم قدراً، وكان يهشم الثريد ويطعم الجوعى، وفي ذلك قال شاعرهم:
عمرو الذي هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون سوانف
ومن هنا لُقِّب بهاشم، أي هاشم الثريد، وغلب ذلك على اسمه. وتنقّل بين البلاد حمّال أسفار جوّاب آفاق، حتى إذا ما ارتحل إلى غزّة وافته المنية فيها، لتحمل اسمه فيما بعد حتى اليوم، وقبره فيها شاهد على التاريخ وقد بنى الغزيّون مسجدا كبيرا عليه قائم الى يومنا هذا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق